مجلة افاق مصرية

مجلة افاق مصرية
مجلة لا تنتمى لاى حزب سياسى

الاثنين، ٢ أبريل ٢٠٠٧

"سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية مصرية" أم عملية تشويه؟



يبدو أن الكتابة عن تاريخ الحركة الشيوعية المصرية أصبحت موضة تستهوي البعض بدوافع مختلفة. ويلاحظ أن هناك من يقحم نفسه في هذا المجال دون معرفة بالموضوع، ودون بصيرة بالمنزلقات المختلفة ومخاطر الابتعاد عن الحقيقة وتزييفها. ومثال ذلك ستة مقالات نشرتها صحيفة القاهرة بين فبراير ومارس 2007 تحت عنوان "سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية مصرية". وجاء في أول حلقة أن تلك السيرة ستصدر في كتاب قريبا.. وما تم نشره لا يشكل في واقع الأمر سيرة حقيقية لمنظمة حدتو بأى حال من الأحوال. ولا أدري من أين اكتسب كاتب تلك الحلقات الجرأة وأطلق عليها اسم "سيرة ذاتية لمنظمة شيوعية مصرية". يغلب على تلك المقالات كثرة المعلومات الخاطئة والمغلوطة، وعدم وجود سيرة.
وبدلا من تقديم الحقائق والوثائق لجأ الكاتب إلى الوعظ والإرشاد والسخرية واستخدام كلمات غير حميدة. ولا أدري ما الذي دفع كاتب تلك المقالات إلى التعرض لذلك التاريخ دون أن يكون شاهد عيان، ودون أن يكون باحثا مدققا، ودون أن يكون مؤرخا يلتزم بقواعد تناول الوقائع التاريخية. وفضلا عن ذلك فإن جوانب كثيرة في تاريخ حدتو، شأنها شأن المنظمات الشيوعية المصرية، ليست علنية، وهو ما يستلزم الحرص وزيادة التدقيق في الحكايات والأقاويل التي اعتمد عليها وقام بترديدها.. من المفترض أن يجتهد المرء لكي يصل إلى الوثائق المعنية، وأن يسعى إلى المعلومات الدقيقة والمصادر الأولية. وهي موجودة بشكل أو آخر، وفي استطاعة من يسعى الى الحقيقة أن يتوصل إليها. إن التاريخ ملك للناس. وعلينا أن نحرص على عدم تزييفه. كما ينبغي دوما ألا نخلط بين الأحداث والوقائع ورغباتنا وأهوائنا الخاصة.
الجهل بالتاريخ:إن تلك السيرة المزعومة لا تقدم تاريخا حقيقيا لمنظمة حدتو، بل تشويها لذلك التاريخ رغم الإقرار بأهمية ودور تلك المنظمة. ولا تعكس المقالات الست بأي حال إسهامات حدتو في المجال الوطني والثقافي والفني.
وهي إسهامات أصبحت من مكونات تراثنا الوطني. سأحاول في مرة قادمة أن ألقي الضوء علي جوانب هامة في تاريخ حدتو. وسيقتصر مقالي اليوم على ثلاثة جوانب. يرتبط الأول ببعض المعلومات الخاطئة. ويتعلق الجانب الثاني بقضايا تشكل جزءا حقيقيا من تاريخ حدتو عجز كاتب المقالات الست عن تقديمها. ويشمل ذلك بعض مجالات النشاط العلني الذي تميزت بها حدتو وأغفلتها تلك السيرة المزعومة، كما يتضن الحديث عن قيادات مؤثرة تم تجاهلها كلية. وسأتناول ثالثا ما جاء في المقال السادس من مغالطات وتشويه وتزييف حول حدتو وحول التيار الثوري.قد تبدو بعض المعلومات الخاطئة الواردة في المقالات الست بلا قيمة أو بريئة أو غير جوهرية، لكنها في الغالب ليست كذلك. وعلى سبيل المثال زعم الكاتب بأن التعذيب أدى إلى إصابة ستة بالجنون العقلي ومع ذلك لم يفرج عنهم بل تعمد جهاز التعذيب الإبقاء عليهم بين زملائهم.. إن كاتب تلك الكلمات لا يذكر حقائق، وكأنه يوحي بأن التعذيب أدى إلى انهيار المعتقلين وتساقطهم. وربما لا يعرف البعض أنه طوال فترة التعذيب البشع في أوردي ليمان أبي زعبل بين آواخر 1959 حتى مقتل شهدي عطية في 15 يونيو1960 لم يركع أحد ولم يستنكر تاريخه، وتمسكوا بمواقفهم رغم عمليات القتل التي تعرضوا إليها. وكانوا أكثر من أبطال. كما لم يتعهد أحد في معتقل الواحات بعدم الاشتغال بالسياسة، ولم يتحول بعضهم إلى عملاء.يردد كاتب السيرة المشبوهة معلومات خاطئة أخرى قد تبدو بسيطة لكنها مضللة. ومثال ذلك الزعم بوجود ترعة أمام مدخل أوردي أبي زعبل تم تغطيس شهدي عطية فيها عند تعذيبه يوم استشهاده. لكننا نوضح أن تلك الترعة لا وجود لها، بل كانت هناك حفرة تم إعدادها وتجهيزها بالمياه عمدا لاستخدامها في التعذيب. وهو ما يعني أنه تم مسبقا التخطيط لعملية التعذيب. وقد شاهدت شخصيا تعذيب ابراهيم عبد الحليم وتغطيسه في تلك الحفرة يوم مقتل شهدي. إن تحويل الكاتب الحفرة إلى ترعة ينفي عن القائمين بالتعذيب تهمة التخطيط المسبق والمتعمد لعملية التعذيب.
زعم كاتب السيرة المشوهة بأن معرض الكتب الذي أقامه المعتقلون بسجن الواحات ضم ترجمات لمحمد مستجير من بينها ترجمة كتاب بليخانوف "النظرة الواحدية في التاريخ". وهذا الكلام غير صحيح. فلم يتم عرض أي أعمال من ترجمة مستجير في ذلك المعرض. ولا يغير من هذا الأمر ما زعمه الكاتب بأن مستجير أخبره شخصيا في سويسرا بأنه ترجم ذلك الكتاب في معتقل الواحات في أسبوع. أكرر كلمة أسبوع حتى لا يتصور القارئ أن هذه الكلمة هي عبارة عن خطأ مطبعي. والصحيح أن مستجير ترجم ذلك الكتاب بعد خروجه من المعتقل وقام د.مراد وهبة بمراجعته.ومن بين المزاعم الأخرى القول بأن فؤاد حداد ومعين بسيسو ومحمد صدقي وغيرهم من الكتاب الكبار اشتركوا في مسابقات أدبية مع كتاب مبتدئين مثل كمال القلش وصنع الله ابراهيم وفؤاد حجازي وعبدالحكيم قاسم.. إن وقت القارئ يضيع فيما لا ينفع نتيجة إصرار البعض على الحديث فيما لا يعرفه. إن بعض هذه المعلومات الخاطئة قد لا تمثل إيذاء كبيرا، لكنها أخطاء على أي حال، وتعبر عن استهتار.لقد أخطأ الكاتب أيضا بقوله "أما المصورون والنحاتون فقد خصص لهم مرسم عمل فيه (الملك) وليم اسحاق وعدد من الفنانين الكبار مثل حسن فؤاد وأكرم محارب وداوود عزيز وعبد الوهاب الجريتلي". وهذا الكلام غير صحيح، فلم يكن هناك مرسم. لكن يجب القول أولا إن الفنان عبدالوهاب لقبه الجريدلي وليس الجريتلي. إن الزعم بوجود مرسم في معتقل الواحات مارس فيه الفنانون نشاطهم يوحي بوجود أجواء غير حقيقية. فلا وجود لذلك المرسم، بل كانت هناك ورشة ميكانيكية خاصة بالسجن. وعمل في تلك الورشة الزملاء الذين صدرت ضدهم أحكام. وكانت مهمتهم القيام بأعمال خاصة بالسجن. وكان يعمل بها سيد سليمان رفاعي وكان من قادة حدتو وهو من الفنيين السابقين بسلاح الطيران. وكان بالورشة أيضا وليم اسحاق الشهير بالملك ، وداود عزيز. وكان البعض، خاصة وليم اسحق، يستغل وقته بالورشة في القيام بعمله الفني.. ولم يمارس حسن فؤاد على سبيل المثال أي نشاط فني في تلك الورشة مطلقا بل في غرفته مثله مثل بقية الفنانين. كما كان الجريدلى يمارس نشاطه في أماكن مختلفة ومن بينها غرفته وفضاء السجن وحول أسواره حيث كان يتم صب أشغال الجبس الخاصة بالمسجد التي شارك فيها أكثر من شخص.
إدعاءات كاذبة وسخرية بالمعتقلين:إن كاتب المقالات الست لا يعرف تاريخ الحركة الشيوعية كما يجهل تاريخ حدتو. ومع ذلك يزعم أنه يقدم سيرتها الذاتية.. ولم يحاول تأصيل ما يتحدث عنه، ولم يعتمد على وثائق لحدتو بل على حواديت لا قيمة لها ومكررة. وكثيرا ما يغطى ذلك العجز بترديد ألفاظ وكلمات غير لائقة. فبدلا من الموضوعية وتناول ودراسة قضايا جوهرية تتعلق بالسيرة الذاتية حدتو المتميزة الفاعلة في التاريخ نجده يلجأ غالبا، وبشكل ممل، إلى الوعظ والإرشاد والسخرية. ويصف مثلا المعتقلين عند خروجهم من المعتقل بأنهم كأهل الكهف، ويخلق جوا يوحي بأنه تم سحقهم تحت وطأة التعذيب. لقد سخر الكاتب من المنظمات الشيوعية في الواحات قائلا: "وتفرغت كل المنظمات لسوق عكاظ الذي نصب في الواحات بتشجيع من النظام فيما يبدو، وبقوا على تشرذمهم وحلقيتهم وتناحرهم". هل يمكن لأحد أن يطرح مثل هذا الادعاء الباطل ويقول إن نشاط المعتقلين في الواحات جرى بتشجيع من النظام. إن هذا الزعم يتناقض مع كل النشاط والأعمال الإيجايية التي قاموا بها بما في ذلك الأعمال الثقافية العديدة. وهي كلها بمثابة مقاومة للتعذيب والتنكيل. الجهل بتارخ حدتو وإنجازاتها:لم تقدم الحلقات الست معلومات واضحة عن تركيب حدتو ولا عن قيادتها. فقد تغافلت عن ذلك سواء فيما يتعلق ببداية تأسيس المنظمة أو ما يتعلق بالمراحل اللاحقة التي تم تناولها. ومن الغريب أن تسهب في تناول موضوعات فرعية هامشية ولا تتطرق مطلقا لمجالات نشاط رئيسية تميزت بها حدتو. وهي مجالات معروفة ولا تزال تأثيراتها حتى اللحظة الراهنة. ونعني بذلك على سبيل المثال الصحافة العلنية لحدتو فضلا عن الشخصيات التي أشرفت علي تلك الصحافة. كما لا يجب أن نغفل الإشارة إلى دور النشر التي أسستها حدتو وإلى الثقافة الجديدة التي قدمتها،
والتي أبدعها كتاب ينتمون إليها بالإضافة إلى مبدعين كبار آخرين من المصريين والعرب
.
تجاهل شهدي وعضويته في أول لجنة مركزية:ومن أغرب الأمور تجاهل شهدي عطيه ودوره القيادي. فعند التعرض لدورالشيوعيين في هبة 1946 وإلى تأسيس الحركة الديمقراطية للتحررالوطني، أي حدتو، عام 1947 تم تجاهل صحيفة الجماهيرالأسبوعية ودورها البالغ الأهمية. وقد صدرت في البداية عن منظمة "الشرارة" ثم عن منظمة حدتو. وكان رئيس تحريرها في الحالتين هو الزميل الراحل شهدي عطية عضو أول لجنة مركزية لحدتو. وقد صدر العدد الأول منها في 7 أبريل 1947. وفي 26 ديسمبر 1948 أصدر محمود فهمي النقراشي بوصفه وزيرا للداخلية قرارا بسحب رخصة أصدارها. وكثيرا ما كانت الصحيفة تعيد نشر منشورات حدتو والبيانات الصادرة باسمها. قدم الكاتب صورة عن حدتو مشوهة عاجزة. وغفل وجود شخصية في قامة شهدي عطية ودوره كمسؤول عن النشاط الجماهيري في المنظمة عند تأسيسها. وفضلا عن ذلك كان لشهدي أسهامه البارز في مجال الدراسات. فقد وجه الكتابات المصرية إلى تناول قضايا المجتمع المصري. ويكفي أن أذكر هنا كتاب "أهدافنا الوطنية" الذي كتبه بالاشتراك مع عبد المعبود الجبيلي. وقد أشار أنور عبد الملك عند تكريمه العام الماضي بمكتبة القاهرة بالزمالك إلى دور شهدي المتميز في مجال الدراسات. كما تم تجاهل عضوية شهدي في أول قيادة مركزية لحدتو. ويبدو أن الكاتب لا يعرف شيئا عن دور شهدي المميز ودعوته على صفحات الجماهير إلى تأسيس حزب من نوع جديد. ويلاحظ عامة غياب القضايا الهامة التي تشكل صفحات أساسية من تاريخ الحركة الشيوعية المصرية بما في ذلك تاريخ حدتو ونضالها. وبدلا من ذلك حفلت المقالات على امتداد ست حلقات بمزاعم كثيرة كاذبة وأشكال عديدة من التطاول علاوة على حواديت مطولة حول موضوعات هامشية مثل حكاية هروب هراري من معتقل الواحات
.
أول لجنة مركزية لحدتو:ذكرالكاتب في الحلقة الثانية أن اللجنة المركزية لحدتو تشكلت في المرحلة الأولى من كورييل وسيد سليمان رفاعي وكمال شعبان. ولم يذكر شهدي عطية ولا بقية الأعضاء. وينبغى التنويه هنا بأن تلك اللجنة تشكلت من عشرة أعضاء نصفهم من الحركة المصرية والنصف الآخر من منظمة الشرارة. ويمكنني أن أذكر الآن أسماء تسعة من الأعضاء وهم: شهدي عطية، جمال غالي، عبد المعبود الجبيلي، مصطفي بقشيش، وهليل شوارتز. وكان هؤلاء يمثلون منظمة الشرارة أو اسكرا. أما الأعضاء الذين مثلوا الحركة المصرية للتحرر الوطني فهم: سيد سليمان رفاعي، كمال شعبان، محمد شطا، وهنري كورييل. ولم يتم التأكد من اسم العضو العاشر. وتشير بعض المصادر المنشورة إلى أن كمال عبد الحليم كان عضوا بتلك اللجنة، لكن ذلك ليس صحيحا. فلم ينضم كمال عبد الحليم إلى اللجنة المركزية لحدتو إلا في بداية عام 1948. كما انضم إليها أيضا في نفس العام شقيقه فؤاد وآخرون، كما ضمت اللجنة في فترة لاحقة مجموعة أخرى من بينها محمد يوسف الجندي.. وينبغي التنويه بأن الزميل العزيز جمال غالي الشخصية النضالية البارزة هو الوحيد الذي على قيد الحياة من أعضاء تلك اللجنة.
صحافة حدتو العلنية:أغفلت تلك السيرة صحافة حدتو ومجلاتها العلنية بين عام 1947 وعام 1953. ونعني بذلك صحف ومجلات الجماهير والبشير والكاتب والملايين والغد. وقد تعرفنا من خلال تلك الصحافة على ثقافة وفكر أسهما في تأسيس ثقافة وطنية وفي تكوين الوجدان العام. كما أن دور النشر مثل "دار الفن الحديث" التي أسسها الأخوين ابراهيم عبد الحليم وكمال عبد الحليم عام 1950 ودار الفكر التي تأسست خلال النصف الأول من خمسينات القرن العشرين أغنت هى الأخرى ثقافتنا الوطنية. وقد أشرت في كتابات سابقة إلى دور دار الفن الحديث والأعمال الرائدة التي قامت بنشرها، ودور تلك الأعمال في تأسيس ثقافتنا الوطنية
.
إغناء الثقافة الوطنية وتشكيل الوجدان العام:ظهرت عن طريق صحافة حدتو العلنية أعمال أدبية وفنية ودراسات لكل من أحمد كامل مرسي، فؤاد حداد، صلاح جاهين، صلاح حافظ، حسن فؤاد، سمير رافع، عبد القادر التلمساني، جمال السجيني، عبد المنعم القصاص، كامل زهيري، كامل الشناوي، إحسان عبد القدوس، خالد محمد خالد، نعمان عاشور، كمال عبد الحليم، عبد الرحمن الشرقاوي، طه ابراهيم العدوي (زهدي)، علي الراعي، كامل زهيري، زكريا الحجاوي، محمد صدقي، يوسف إدريس، يوسف حلمي، ومعين بسيسو وآخرين.وفيما يتعلق بالدور المميز لصحافة حدتو يمكن أن نستعير كلمات قالها الناقد فؤاد دوارة عن "الكاتب" على وجه التحديد. وجاءت تلك الكلمات في مقال كتبه عن يوسف حلمي صاحب امتياز ورئيس تحرير هذه الصحيفة. يقول فؤاد دوارة "كانت الكاتب مدرسة كاملة ونادرة للوعي السياسي والاجتماعي والفني، في زمن قلت فيه الكلمات الصادقة، وندرت فيه وسائل التعبير الحر عن إرادة الشعب وعذاباته، فتتلمذ عليها عدد كبير من المثقفين ممن تصدوا بعد ذلك للنضال السياسي والثقافي في مختلف مجالات حياتنا". وغني عن القول بأن الكاتب قد نشرت على صفحاتها ترجمات لأعمال عالمية في مجال السياسة والفكر والفن، ومن ثم ترددت في تلك الصفحات أسماء ناظم حكمت وبيكاسو وأراجون وجوليو كوري وبابلو نيرودا.كما كانت مجلة "الغد" والذين خططوا لها وأصدروها في بداية الخمسينات وعلى رأسهم الفنان حسن فؤاد تجربة أخرى رائدة وفريدة لا يفخر بها أبناء حدتو وحدهم، بل يعتز بها كل المعنيين بالتنوير والثقافة الوطنية وخلاص الإنسان. وباختصار نقول بأنه لا يمكن لأي إنسان أن ينكر أن أبداع أبناء حدتو لم يقتصر على الصحافة التي أصدرتها حدتو، بل امتد إبداعهم وتأثيرهم إلى الصحافة على الصعيد الوطني بأسره. ويمكن لي هنا أن أطرح التساؤل الذي طرحه الصديق أحمد عبد العليم القائل: هل يمكن التحدث عن الصحافة المصرية بدون صلاح حافظ وحسن فؤاد على سبيل المثال؟ وهل يمكن أن نتحدث عن الثقافة والأدب في مصر بدون أن نذكر شخصيات مثل فؤاد حداد وصلاح جاهين وكمال عبد الحليم ويوسف إدريس وعبد الرحمن الخميسي وعبد الرحمن الشرقاوي؟ لقد أغنى كل هؤلاء بحق الفن والأدب والثقافة في مصر، وأسهموا في تشكيل الوجدان العام. ولا يمكن أن توجد سيرة ذاتية لحدتو ولا لتاريخ الثقافة المصرية بدون تلك الرموز السياسية والأدبية والفنية.
قيادة حدتو خلال السنوات 1950- 1952:
ينبغي أن نشير إلى تكوين قيادة حدتو خلال الفترة التي حدثت خلالها تلك الإنجازات الهامة. وقد كانت السنوات بين 1950 و1952 فترة ازدهار حدتو وبروز أسهاماتها على النطاق القومي. وقد غطى نشاطها المتميز مجالات العمل النقابي، والعمل الصحفي، والنشاط الثقافي، وذلك بالإضافة إلى العمل السياسي الجماهيري الذي شمل تأسيس حركة السلام، ومعركة إلغاء معاهدة 1936، والمشاركة في الكفاح المسلح في القنال، والإسهام بدور ملموس في معركة أسقاط مشروعات القوانين المقيدة للحريات. كانت حدتو في قلب حركة وطنية نشطة، وحرصت قيادتها على تشكيل جبهات وطنية في كافة مجالات العمل المشار إليها. وبدأت القيادة المركزية لحدتو في تلك الفترة بعدد محدود في البداية. وضمت هذه القيادة بعد إبعاد كورييل من مصر في 21 أغسطس 1950 كلا من سيد سليمان رفاعي وكمال عبد الحليم وكمال شعبان ومحمد شطا والجنيد علي عمر، وهو سوداني الجنسية. وقد تولى سيد رفاعي مسؤولية التنظيم بينما تولى كمال عبد الحليم مسؤولية العمل الجماهيري بما في ذلك الصحافة والثقافة. وتم بعد ذلك توسيع اللجنة المركزية. وانضم إليها أحمد رفاعي وزكي مراد وأحمد طه وآخرون.
"التيار الثوري" تأكيد استمرارية دور الشيوعيين: حفلت الحلقة الأخيرة المنشورة يوم 6 مارس 2007 بسخرية وتهكم تجاه مواقف عدد من الشخصيات الرئيسية في حدتو بدلا من مناقشة مواقفهم السياسية. واستخدم الكاتب تعبيرات غريبة مثل تعبير "أما فاصل الكوميديا الفارس". استخدم ذلك لوصف مشاركة كمال عبد الحليم يوم 14 مارس 1965 في تأسيس التيار الثوري بعد قرار إنهاء الشكل المستقل الذي جري في نفس اليوم.
وأود أن أقف عند كلمات ذكرها كاتب السيرة المشبوهة حول مواقف ترتبط بي شخصيا. فقد اقتبس كلاما ذكرته شخصيا عن التيار الثوري وعن النشاط الذي مارسه ذلك التيار بدءا من يوم 14 مارس 1965 أي في يوم صدور قرار حدتو بإسقاط العضوية وإنهاء الشكل المستقل. وتقول الكلمات التي جاءت على لساني بأن كمال عبد الحليم ترأس في ذلك اليوم اجتماعا حضرته شخصيا مع محمد عباس فهمي وطاهر البدري تنفيذا لقرار إسقاط العضوية الذي نص على فكرة التيار الثوري. وشمل ما تم نقله عني كلاما جرى في ذلك الاجتماع يتعلق بتوزيع "المسؤوليات في مختلف المحافظات لإعادة النشاط الحزبي، وحاولت عملية إعادة النشاط الحزبي ضم الزملاء القدامى وتجنيد زملاء جدد. كما شملت هذه العملية مناطق عديدة أذكر من بينها القاهرة والاسكندرية والدقهلية ودمياط والشرقية وأسوان". جاء ذلك الكلام على لساني وتم نشره من قبل. وقد اقبسه الكاتب، لكنه علق عليه بكلمات مشككة مستخفة قائلا: "حتى هنا فلا بأس بأن يكون الكلام خياليا بعض الشئ. أما فاصل الكوميديا الفارس فيكمن في أن في مقدمة الآربعة الذين عقدوا اجتماع دار الشاي الهندي المهندس كمال عبد الحليم..." هنا لابد أن أقول لكاتب هذه الكلمات إنه لا يليق أن يتم إقحام كلمة مهندس هنا. فإن كمال عبد الحليم شاعر طليعى، ومحام، وليس مهندسا. وهو شخصية بارزة لها تأثيرها في المجالات السياسية والثقافية طوال حقبة مؤثرة في تاريخ بلادنا بأسره. وكان له هذا الدور البارز وهو في العشرينات من العمر شأنه شأن عدد كبير من كبار المبدعين المصريين في القرن العشرين، ومن بينهم على سبيل المثال سيد درويش، ومختار، وصلاح جاهين، وفؤاد حداد، وبليغ حمدي. أقول إن ذلك التعليق غير اللائق خاطئ تماما. وسوف أوضح بعض الحقائق حول التيار الثوري لإعطاء فكرة حقيقية عن دور هذا التيار ونطاق نشاطه. إن مواصلة النشاط باسم التيار الثوري لم تحدث مصادفة. وأذكر أن الزميل محمد عباس فهمي قال في اجتماع 14 مارس 1965 بأنه لا يتصور نفسه بدون تنظيم، لكنه بالرغم من ذلك يوافق على قرار إسقاط العضوية لأننا في احتياج إلى إطار جديد. كما قال طاهر البدري في نفس الاجتماع بأنه سيكون هناك حزب جديد.وفضلا عن ذلك لابد من توضيح أن البيان الصادر عن ذلك المؤتمر تضمن فقرة يجب التنبه إلى دلالتها. وقد تبناها المؤتمر بناء على اقتراح من جانبي. وهي تدين دعوة أحمد حمروش على صفحات روز اليوسف إلى حل الحزب. وتقول تلك الفقرة ما يلي حرفيا: "كما استنكر المؤتمر مقالا كتبه أحمد حمروش تحت عنوان كلمات لا تنقصها الصراحة بالعدد الصادر في أول مارس".بعد هذا التوضيح أعود إلى الزعم القائل بوجود مبالغة في حديثي عن عملية إعادة النشاط في تلك المحافظات. وهنا أقول إن معتقل القلعة استقبل في بداية عام 1969 عشرات ينتمون إلى التيار الثوري. تم نقلهم لاحقا إلى سجن مزرعة طره. وجرى توزيعهم بعد ذلك على عدة سجون من بينها سجون أسيوط والمنيا وطنطا. وظل هؤلاء في المعتقل من 1969 حتى أبريل 1971. وكان بيننا زملاء من القاهرة، والاسكندرية، والدقهلية، والشرقية وبني سويف، وأسوان.. وأذكر أن أبناء أسوان كانوا من المحامين. وهم الزميل خليل الآسي المحامي ومحام آخر اسمه نعيم. إن تلك المعلومات تعني عدم وجود مبالغة في كلامي عن المحافظات التي شملها نشاط التيار الثوري. تحريف كلامي عن نشاط التيار الثوري:تم أيضا في الحلقة الأخيرة تحوير بعض المعلومات عن التيار الثوري مما يعطي للقارئ دلالة مغايرة للحقيقة. وعلى سبيل المثال جاء في ذلك المقال، في مجال التعرض لبعض أوجه نشاط "التيار الثوري" في السبعينات، أنهم "وقفوا خلف مرشح يساري للبرلمان هو قباري عبد الله".. وهذه الكلمات عبارة عن تحريف واضح لحقيقة ما جرى وتزييف لكلام تم نشره على لساني. وسنرى.إن ما يشير إلى عدم صحة ذلك الكلام هو توضيح أن "التيار الثوري" هو الذي اختار قباري عبد الله وقرر ترشيحه لمجلس النواب عام 1971. وقد تحدثت عن هذا الأمر في شهادة منشورة نقل الكاتب عنها بعض المقتطفات وقام بتحويرها للتشويه على دلالتها الحقيقية. فقد ذكرت في شهادتي المشار إليها آنفا ما يلي: "شملت الأعمال الجماهيرية التي قام بها التيارالثوري التجربة الخاصة بنجاح أحد الأشخاص لعضوية مجلس الشعب في إحدى دوائر القاهرة. فقد تم التفكير في إمكانية نجاح مرشح لنا في انتخابات مجلس الشعب. وتم النجاح في تنفيذ الفكرة. وقمنا بمناقشة عدة اختيارات ثم استقر الأمر في النهاية على اختيار قباري عبد الله للترشيح في دائرة قصر النيل. وكان الرسام زهدي هو أول من اقترح اسم قباري بوصفه أفضل الذين يمكن ترشيحهم. وأسفرت التجربة عن نجاحه في الانتخابات وحصوله على عضوية مجلس الشعب عن دائرة قصر النيل". إن كلامي هذا يعني أن قباري جاء كمرشح للتيار الثوري. ويختلف ذلك بوضوح عن الزعم بأن التيار الثوري وقف خلف مرشح يساري.. فلماذا يلوي كاتب تلك السيرة هذه الحقيقة ويزعم أننا وقفنا خلف مرشح يساري؟ وعلاوة على ذلك فإن نشاط التيارالثورى لم يقتصرعلى مسألة الترشيح لعضوية مجلس الشعب، بل شمل مجالات أخري من بينها محاولة إصدار صحيفة اسمها "الحرية". وقد صدرت منها أعداد تجريبية باسم جمعية أبناء قصر النيل. وكان قباري فاعلا في هذا الأمر مع عيداروس القصير. حدتو تدعو عبدالناصر إلى التخلي عن سياسة معاداة الشيوعية: يبدو أن البعض يدمن الحديث عن أمور دون أن يكون على بينه من حقيقتها وفحواها. لماذا يتم الضجيج مثلا دون التطرق للشروط التي وضعتها حدتو لقيام الحزب الواحد التي جاءت في وثائقها. من وجهة نظري كانت الظروف لا تسمح بقيام مثل ذلك الحزب. وكان كل طرف من طرفي الصراع آنذاك، أي عبد الناصر وحدتو، يضع شروطا تعجيزية أمام الطرف الآخر. وشروط عبد الناصر معروفة، وهي ضرورة إخلاء الساحة من التنظيمات السياسية. وشروط حدتو معروفة. فقد تم إعلانها. ولم يلتفت إليها سوى عبد الناصر. وكان رده هو العودة السريعة لسياسة الاعتقال. وتركز هذا الاضهاد على أبناء حدتو وإن شمل آخرين. وقد أصر عبد الناصر على استمرار اعتقالنا ورفض الوساطة المتكررة التي بذلها بعض الأشقاء العرب خاصة عبد الخالق محجوب زعيم الحزب الشيوعي السوداني للإفراج عنا زاعما أننا أصحاب توجهات صينية.لقد فهم عبد الناصر جيدا ما جاء في بيان 14 مارس 1965 حول رؤية حدتو عن الحزب الواحد. لقد قال ذلك البيان إن ذلك الحزب لابد أن يسترشد بالاشتراكية العلمية، وأن قيامه يستلزم نبذ سياسة معاداة الشيوعية. وجاء حرفيا في ذلك البيان إن قيام الحزب الواحد "يقتضي إيقافا كاملا لسياسة معاداة الشيوعية". وقد ردد بيان 14 مارس 1965 هذه المطالبة بالتخلي عن سياسة معاداة الشيوعية في أكثر من موضع.. وعلاوة على ذلك فإن عبد الناصر أدرك مغزى النشاط الذي بدأ باسم التيار الثوري بدءا من تاريخ صدور ذلك البيان
.
الإفراج عن التيار الثوري بعد وفاة عبد الناصر:
كان نشاط التيار الثوري تعبيرا عن أن مرحلة جديدة قد بدأت.. وقد أدركت حدتو ممثلة في التيار الثوري الحاجة إلى شكل جديد للعمل الحزبي والنشاط الشيوعي. وكانت صيغة التيار الثوري هي الناجحة، وقد حققت الهدف في تأكيد استمرارية النشاط، وتحمل التيار مسؤولية مواصلة النضال عدة سنوات حتى نهضت الحركة الشيوعية من جديد. إن من قاموا بذلك الدور الطليعي لا يمكن أن تكون أقصى أمانيهم أن يسمح لهم عبد الناصر بدخول تنظيمه الخاص. وعلى من يتفوه بمثل هذا الكلام أن يشعر بالخجل. إن خطوات أبناء التيار الثوري وتصرفاتهم توضح أنهم لم يكفوا لحظة واحدة لا عن أفكارهم ولا عن نضالهم ولم يتخلوا عن تاريخهم. ولم يدخلوا حظيرة سياسية بل سجون ومعتقلات عقابا لأنهم أخذوا يطوفون المحافظات لبث روح النضال ومواصلة النشاط. وقد تعرضوا للاضطهاد والاعتقال بدءا من 1965. وفي البداية، أي في عام 1965، تم تهديد الأشخاص الأربعة الذين اجتمعوا يوم 14 مارس 1965 وقرروا مواصلة النشاط باسم التيار الثوري. وعلى سبيل المثال تم تهديد كمال عبد الحليم بضرورة أن يكف عن حياة المحترفين، وتم إبلاغه أنه يمكن أن يتعرض لحادث مثلا. وتم إبلاغي شخصيا بأن أتوقف عن الذهاب إلى منطقة حلوان. ثم تم عتقال كمال عبد الحليم ومحمد عباس فهمي وطاهر البدري في فبراير 1966 وأفرج عنهم في ديسمبر من نفس العام. ثم أعيد اعتقال كمال عبد الحليم في بداية عام 1967 وأفرج عنه في آخر العام. وبعد ذلك تم اعتقال أكثر من عشرين شخصا من التيار الثوري كنت من بينهم مع محمد عباس فهمي وطاهر البدري وعيداروس القصير وآخرين من القاهرة والاسكندرية والدقهلية وبني سويف وأسوان. واستمر اعتقالنا من بداية 1969 حتى 7 ابريل 1971. وتم الإقراج عنا في ذلك التاريخ أي بعد وفاة عبدالناصر بحوالي ستة أشهر، أي في فترة الصراع بين السادات ومجموعة على صبري.لم تتوقف عملية مطاردة التيار الثوري عند ذلك، بل تعرض المنتمون إليه للاعتقال أيضا في الأعوام 1973 و 1975 و 1977. لقد عمل أبناء التيار الثوري على شق طريق نضالي رغم قسوة الظروف، وأصروا على مواصلة تاريخهم النضالي والعمل من أجل الفكر الذي آمنوا به.. كانت خطواتهم تشكل تحديا وإصرارا، وليست عجزا ولا تخبطا ولا ضياعا. فقد ترددت كلمات خاطئة عن العجز والتخبط والضياع في الحلقة الأخيرة من الحلقات الست المشبوهة.ذلك هو التاريخ النضالي لأبناء حدتو الذين قال عنهم كذبا كاتب تلك السيرة المشوهة بأن "أعضاء حدتو صارت أقصى أمانيهم أن يسمح لهم عبد الناصر بالدخول في التنظيم الطليعي". ويلاحظ أن صحيفة القاهرة وضعت هذه الكلمات الباطلة كأحد العناوين الرئيسية لذلك المقال. إن أبناء حدتو تمسكوا بتاريخهم ونضالهم وعملوا على التواصل مع الأجيال الجديدة. وتاريخ التيار الثوري خير دليل على ذلك. فهل يتعظ كل من يشوه التاريخ؟

هل المصريون سعداء بالذل أم تعساء بالخوف؟





لو اجتمعتَ مع قطب معارضة مصري فستجد أمامك وطنيا ذكيا ومحلِلا عبقريا!وإذا اجتمع اثنان منهم فهما أقل ذكاء!وإذا زادوا عن ذلك ، سقط اختبار الذكاء كما يرسب تلميذ بليد للمرة السادسة في امتحان نهاية العام!ماذا حدث في عقول صفوة الوطن، ونخبة المثقفين، وتجمعات صانعي القرار الفكري والاعلامي والمعارض لقوىَ الشرّ التي يمثلها الطاغية حسني مبارك؟أما المعلومات فحدّثْ ولا حرَج، ولا يجهل أي منهم مشهدا باهتا جانبيا لأي من فصول كارثة مصر في ربع القرن المنصرم!تحدّثَ مع أحدهم، فسيُسمعَك تفاصيل التفاصيل عن التعذيب والأسماء والأشخاص والأماكن، وعن أعداد المعتقلين، وعن الذين تم اغتصابهم في أقسام الشرطة، وعن عمليات النهب، والأموال التي قام بتهريبها حيتان عهد مبارك.استزد منه ما يعرف، فسيصُمّ اذنيك بعد ارهاقهما بكم هائل من المعلومات عن المشروعات الفاشلة، وقوى الفساد، والتزوير والتزييف والكذب والاحتيال والخداع والاعتداء على الدستور وشبكة العفن السلطوي لمبارك في كل شبر من أرض مصر التي كانت طاهرة.
حدّثه عن الآمال والأحلام واشراقات غَدٍ جميل لوطننا العزيز، فستندفع من بين شفتيه عواصف وأنواء وأعاصير من الغضب على هذا الديكتاتور الذي حمل معه البوم والنعيق والخراب والأمراض والفقر ونهب خيرات مصر واللصوص والقسوة واحتقار الشعب وازدراء ممثلي العدالة.استعلم منه عن جهازه العصبي وكيف يتحمل مشهد مِصْرِه الطيبة يجثم فوقها أشد الطغاة قسوة ووحشية وذئبية ينهشها قطعة .. قطعة، فيجيبك أنه لا ينام الليل إلا قليلا، نصفه أو ثلثه وطائفةٌ من الذين معه، فهو يحب مصر حبا مَلَكَ عليه حواسَه، ويخترق هذا الولَهُ بأم الدنيا كلَّ مسامات جسده، وهو يعرف أن الله لا يقف مع المترددين، وأن حب الوطن إن لم ينعكس سلوكا يخيف الطغاة فهو كراهية مخبئة خلف قلب يرتعش ، واسنان تصطك، وركب تنفصل لدى رؤيتها كلاب القصر.سَلْهُ ماذا يقول لرب العزة في صلاته وتهجده وركوعه وسجوده، فسيقول على استحياء: إنني أطلب من الله أن يذهب وحده ويقاتل مع الشجعان، أما أنا فسأراقب الوضع عن كثب.
هل تتعمد المعارضة المصرية بكل أطيافها وأجنحتها وألوانها وأطروحاتها وأيديولوجياتها الدعوة للتمرد والمناهضة لأسباب تعلم مسبقا أنها لن تؤثر قيد شعرة في تلك الملايين التي أنهكها حكم مبارك، وأصفر لونها، وهشّتْ عظامُها، واحتفلت الفيروسات في أجسادها بانتصارها النهائي بعد سنوات حُكم رجل لم يتنازل لحظة واحدة عن تحطيم الشخصية المصرية، جسدا وروحا وفكرا وأملا وحبا في الحياة ورغبة في الثورة وعشقا للحرية؟لماذا ترفض، واقعا وليس حديث ثرثرة، كل قوى المعارضة العصيان المدني ضد مبارك مع العلم بأنه المخرج الوحيد لتحرير مصر مع افتراض أن الانقلاب العسكري تأخر بعض الوقت رغم حالة القلق والتذمر والغضب في ثكنات جيشنا البطل، لكن زعيم الثورة المقبلة لم يتحرك بعد؟لماذا لا تتم دعوة العاطلين عن العمل لمظاهرة احتجاج في ميدان التحرير، وهم ستة ملايين لن يخسروا شيئا، ولو حضر منهم خمسون ألفا فإن مبارك سيلوذ بالفرار مع زوجته وبصحبه ابنيه وما سَهَلَ حَمْلُه من كنوز الوطن؟لماذا لا تتم الدعوة للفقراء وغير القادرين على العلاج والدواء، وهؤلاء لو اجتمع منهم عشرة بالمئة في ميدان التحرير لما أمكن لكل رجال أمن مبارك أن يتحركوا من مواقعهم شبرا واحدا؟كانت الفرصة أمام قوى المعارضة ذهبية في تمرد عمال كفر الدوار والمحلة الكبرى، وكان أمام عشرين ألف قاضٍ ضرب رجالُ مبارك زميلَهم بالحذاء أن تحرّكهم النخوةُ والشهامة والشجاعة والايمان بالوطن، لكنهم استكانوا، وتراجعوا، رغم أنهم الأكثر معرفة بتفاصيل الجحيم الذي صنعه هذا المستبد الغليظ والسادي؟لكن قوى المعارضة الوطنية المصرية تختار دائما أسبابا تعرف مسبقا أنها لن تُغضب النظام، ولن تجمع عدة آلاف، فالشعب لا يعرف التعديلات الدستورية، والغضب من أجل ذبح الأسرى المصريين يمكن للنظام أن يُرْشِيه بعدة قرارات تدغدغ مشاعر البسطاء وكرامتهم.لماذا لا تتحول حركة المعارضة إلى أشرف وأنبل وأصدق شعار لتحرير وطنهم وهو ( مظاهرة يشترك فيها كل من يطالب بمحاكمة الطاغية حسني مبارك عن جرائم ربع قرن ) ؟هنا ترتعش المعارضة، ويبدأ تبرير الخوف، وينكشف المستور، ونعرف أن القضية كلها ليست أكثر من لعبة الكراسي المتحركة، وإلا فما معنى وجود نواب من الإخوان المسلمين في مجلس الشعب حيث يتم تمرير بيع وطن أمام الجميع؟
كيف تمنح القوى المعارِضةُ الشرعيةَ للقاتل والطاغية ومغتصِب الحُكم ومزوّر الانتخابات ومنتهِك الكرامة الذي أمر شخصيا باذلال المصريين واهانتهم ونهب أموالهم وتوريث ابنه ملكية مصر؟ لا أصدق أن قوى المعارضة الضخمة التي تملك بين اصبعين من اصابعها نقابات ورجال قانون وقضاء وعدالة وفكر واعلام وصحفا كثيرة، وتستطيع أن تحرك الجامعات والمصانع والشارع والفقراء والعاطلين والغاضبين وأهالي المعتقلين ظلما وكل من أضره حكمم الطاغية مبارك، تدعو فلا يستجيب لها إلا بضعة آلاف!إنها تتجنب أي دعوة تسقط النظام وتحاكم المجرم وتحرر الوطن!إنها تحفظ ماء وجهها كمعارضة، وتلعب دور الزوج المحلّلِ، وتَمُدّ في عمر النظام البلطجي لطاغية العصر وكل العصور.أيها المصريون،ليس أمامكم غير العصيان المدني والمطالبة بالقبض على الطاغية حسني مبارك وتحريض الجيش على التمرد والخروج من ثكناته لانقاذ شعبه.لقد انتهت لعبة القط والفأر، ولن يمضي وقت طويل حتى يفهم الفأر أنها كانت لعبة سخيفة، يعرف مسبقا مصيره فيها.أقدم اعتذاري الشديد للمناضل الوطني الدكتور عبد الوهاب المسيري، وأطلب منه أن يعيد الدعوة كرة أخرى، ويطالب بالعصيان المدني، وينحاز للمتضررين من حكم الطاغية، وسيكتشف حينئذ أن مصر كلها ستنتفض معه، حتى الخائفون من الأغلبية الصامته قد تعرف الطريق إلى ميدان التحرير.

اغتيال الدستور فى مصر والسؤال من سيغــتيل بعد؟؟؟

ها نحن نشهد دستورنا يلفظ أنفاسه الأخيرة، ويحتضر بين أيادينا وأمام أعيننا، مشاهد جريمة القتل تتوالي بدم بارد، ونحن عاجزون محسورون محاصرون، ولا مغيث ولا منقذ ولا نجاة.. ما أبشع الجريمة التي يرتكبها الحزب الوطني الحاكم برئيسه ونوابه وحكومته وإعلامه وقوات أمنه، سيعلق دم الدستور برقابهم جميعا، وستطاردهم لعنته أحياء وأموات.
أما نحن، شعب مصر، أهل القتيل، فحالنا يثير الحزن والمرارة والأسي، القليل منا رفع صوته ضد الجريمة وحاول بلا جدوي إنقاذ الدستور، لأن موازين القوة القاهرة كانت أظلم وأطغي، والشعب لا يمتلك ثلث الأصوات في مجلس الشعب ليوقف الجريمة، ولا يمتلك أحزابا قادرة علي الوقوف أمام بغي الحزب الحاكم، ولا يمتلك حركة شعبية قادرة علي حشد مليون مواطن من أهل مصر في ميدان التحرير لإنقاذ القتيل.
أما الأغلبية فهي منصرفة عن قضية الدستور إلي لقمة عيش بائسة، وإلي البحث عن ستر في ظل سلطة انتهاك الوطن.
وإنني أعرف، وأعذر، أن الذي يسعي علي رزقه الضنين في الغيط والمصنع والبحيرة والوظيفة، وعلي أرصفة البطالة، لن يجد في عقله وقلبه وجهده فائضا أو متسعا ليناقش تعديلات الدستور وليدافع عن الدستور وليضحي من أجل إنقاذ الدستور.
وأعرف، وأعذر، أن بعضنا يقول: ومتي كان الدستور قادرا علي حمايتنا لكي نحميه الآن؟ هل صان الدستور حقوقنا، أو دافع عن كرامتنا، أو ضمن لنا حريتنا، لكي نلتف اليوم حوله وندفع ثمن إنقاذه؟
مظلوم أنت أيها الدستور مرتين، مرة علي يد سلطة الاستبداد والفساد التي انتهكت نصوصك وأزهقت روحك، وارتكبت في وجودك كل الانتهاكات لحقوق الإنسان المصري الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فأصبحت من كثرة العدوان عليك مجرد نصوص ميتة لا تحكم ولا تسيطر، مجرد رجل مريض بلا حول ولا قوة، تقول الاشتراكية والسلطة تشجع رأس المال. تقول القطاع العام والسلطة تبيعه وتخصخصه وتمصمصه بأبخس الأثمان، تقول تكافؤ الفرص والسلطة للمحاسيب والأتباع والغلمان. تقول العدالة والسلطة للفساد يغتني به الأثرياء ويموت به الفقراء. تقول الديمقراطية والسلطة لحالة الطوارئ والقمع والدولة البوليسية والمحاكم العسكرية، تقول الوحدة العربية والسلطة (إسرائيل) والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية.
ظلمتك السلطة مرة عندما انتهكتك وأقعدتك في فراش المرض عاجزا عليلا.. وظلمك الشعب مرة ثانية حين انصرف عنك وأشاح بوجهه، وفقد الثقة فيك، وقرر أن يتركك لمصيرك تموت علي يد الحزب الحاكم دون أن يهب لنجدتك أو يفتديك بالروح والدم كما يليق بدستور جليل.
بين سلطة ظالمة وشعب مظلوم مات الدستور
البقاء لله، مات دستوركم.. فاذكروا محاسن موتاكم.. صحيح أن أكثرها كان محاسن علي الورق دون فاعلية في الحياة، لكن المقارنة بين الدستور القتيل ودستور القتلة سيوضح لك يا أخي المصري أن المصيبة سوداء، وأنها تستحق العناء، وأن موت الدستور سيؤدي إلي موت حقوقك أنت، وإهدار كرامتك أنت، وتسويد عيشتك أنت أكثر مما هي سوداء، فلا تحسبن أن الدستور يخص الأفندية والبهوات والمثقفين وبتوع المظاهرات والأحزاب والنقابات.. إنه دستورك يا عم الفلاح والصياد والعامل والموظف الغلبان.
تعال معي نشرح ببساطة بعض المصائب التي ستقع علي رأسك نتيجة موت الدستور بتعديله أو تقتيله ـ من طرف واحد بإرادة منفردة من حزب الحاكم.
ولنبدأ بالطلقة القاتلة التي اكتملت بها الجريمة وهي المادة 179 التي تم إضافتها لأول مرة إلي الدستور ويقول نصها: «تعمل الدولة علي حماية الأمن والنظام العام في مواجهة أخطار الإرهاب، وينظم القانون أحكام خاصة بإجراءات الاستدلال والتحقيق التي تقتضيها ضرورة مواجهة تلك الأخطار وذلك تحت رقابة من القضاء، وبحيث لا يحول دون تطبيق تلك الأحكام الإجراء المنصوص عليه في كل من الفقرة الأولي من المادة 41 والمادة 44 والفقرة الثانية من المادة 45 من الدستور.
«ولرئيس الجمهورية أن يحيل أية جريمة من جرائم الإرهاب إلي أية جهة قضاء منصوص عليها في الدستور أو القانون».
ما معني هذه الطلقة في قلب الدستور؟ معناها إهدار الحريات الشخصية للمواطن المصري التي ضمنتها المواد 41 و44 و45 وهي أجمل وأرقي مواد دستورنا، معناها أن يتم اغتيال حريتك بالدستور! وهذه هي نصوص المواد القتيلة: المادة 41 تقول: «الحرية الشخصية حق طبيعي وهي مصونة لا تمس» لم تعد مصونة بعد جريمة قتل الدستور! «.. وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض علي أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع».. سيتم القبض عليك، وتفتيشك في أي وقت وأي مكان، وحبسك وتقييد حريتك بكل قيد ومنعك من التنقل بدون أمر يخدم أي تحقيق وإنما بمزاج الأمن! وبدون ضرورة لصيانة أمن المجتمع بل برغبات أمن الدولة! وكله بالدستور!!.. «ويصدر هذا الأمر من القاضي المختص أو النيابة العامة وذلك وفقا لأحكام القانون».. سيصدر الأمر بدون قاض ولا نيابة يكفي أن يضعك أحد الضباط في دماغه.. أو مخبر درجة ثالثة.. أو مرشد مأجور.. وخارج أحكام أي قانون ما عدا قانون الغاب والفساد والاستبداد لكي تجد نفسك معتقلا.. ويتم مرمطة كرامتك.. وكله بالدستور.
أما المادة 44 ـ وهي من ضحايا تعديلات الحزب الحاكم أيضا ـ فتقول: «للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائي مسبب وفقا للقانون» انتهي.. كان زمان.. أيام المرحوم الدستور.. الآن لا حرمة لبيتك، ولا أمان لأسرتك، سيدخلون عليك في الفجر والظهر والعصر ويقلبون عفشك رأسا علي عقب.. بمزاج الأمن غير المسبب، وليس بحكم قضائي مسبب سيقتحمون عليك غرفة نومك ويملأون قلوب أطفالك رعبا وخوفا وكراهية.. بالدستور!!
والمادة 45 تقول: «لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون.. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها، أو رقابتها إلا بأمر قضائي مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون»، كان دستور وجبر!
الآن لا سرية لخطاباتك، وتليفونك تحت التنصت، واتصالاتك خاضعة للرقابة الأمنية المشددة لمدة مفتوحة خارج أي قانون، أسرارك مفضوحة، وحياتك الخاصة منتهكة.. بالدستور!
هل هناك جريمة ضد الدستور أكثر من هذا؟ هل هناك عدوان علي حقوق الإنسان أبشع؟ هل يوجد انتهاك للحريات أفظع؟ هل يوجد امتهان للكرامة أحط وأشنع؟
كيف تقبل يا أخي المصري الأبي كل هذا الهوان؟! كيف تسكت علي هذا العار ؟! كيف تقبل قتل حريتك باسم الدستور ؟!
ثم تعال إلي المادة 88 التي سيتم تعديلها لإلغاء إشراف القضاء علي الانتخابات.. وأنت تعرف يا أخي من التجارب التي عشتها بنفسك أننا سنعود إلي عصر التزوير العلني للانتخابات ستنتعش البلطجة، ويزدهر العنف، وتتوحش الغرائز القبلية والمصالح الفردية، ونعود إلي التقفيل والتسويد في لجان الانتخاب.. لا نزاهة ولا حياد ولا عدالة ولا احترام لإرادة الشعب.. الناخب تحت الإكراه والتهديد.. وموظفو الدولة وعملاء الأمن يديرون الانتخابات.. إنها فاتحة الحروب الأهلية في مواسم الاقتتال الانتخابي في غابة الدولة البوليسية.
لو لم يكن في تعديلات حزب الحاكم إلا هاتان الطلقتان المصوبتان إلي قلب الدستور المصري لكانتا كافيتين لقتله مع سبق الإصرار والترصد.
لكن القتلة أطلقوا علي دستورنا المزيد من الرصاص.
اثنتا عشرة رصاصة أطلقوها دفعة واحدة علي رأس الدستور لقتل الاشتراكية ومحوها من نصوصه ومواده 12 تعديلاً علي 12 مادة هي المواد: «4 و12 و24 و30 و33 و37 و56 و59 و73 و179 و180 و194»، تم بموجبها إلغاء الاشتراكية، والنظام الاشتراكي الديمقراطي، والسلوك الاشتراكي، والمكاسب الاشتراكية، ودعم القطاع العام، وتحالف قوي الشعب العامل، ومكاسب النضال الشعبي الاشتراكية، من نصوص الدستور.
مادة واحدة من هذه المواد تستحق الإلغاء هي 179 الخاصة بالمدعي العام الاشتراكي لأننا نعتبره شكلا من أشكال القضاء الاستثنائي لا ينبغي وجوده ولا حمايته دستوريا.. أما باقي المواد فنحن نعلم أن محوها من الدستور هو تحصيل حاصل بعد أن تم محو معظمها من الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في مصر علي يد سلطة الخصخصة وإطلاق آليات السوق والخضوع للرأسمالية العالمية.
لكن المادة (59) تحديدا تحتاج إلي وقفة صلبة للدفاع عنها ورفض تعديلها. يقول نصها: «حماية المكاسب الاشتراكية ودعمها والحفاظ عليها واجب وطني»، فماذا يعني إلغاء هذا النص؟ معناه يا أخي الفلاح أن الإقطاعي القديم سوف يطردك من الأرض التي وزعها عليك جمال عبدالناصر.. سيطردك بالدستور!! معناه أن صاحب المصنع الذي أممه جمال عبدالناصر باسم الاشتراكية سيرفع دعوي أمام القضاء ليسترد مصنعه من يد الشعب الآن وسيكسبها بالدستور! معناه أن مكاسب الفقراء فلاحين وعمال وطبقة وسطي التي تحققت في أزهي عصور نهضتنا الحديثة سوف تضيع وتتبدد.. بالدستور!!
معناه أن أعظم تضحيات شعبنا وأنبل صفحات نضاله الشعبي سيتم إحراقها والردة عليها.. بالدستور! معناه أن حلف الفساد والاستبداد والاستغلال ونهب الفقراء وتخمة الأغنياء والانقسام الطبقي المريع وسيطرة رأس المال علي الحكم سوف يتوحش ويتجبر ويطغي ويأكل الأخضر واليابس.. بالدستور!! معناه إهدار الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.. كما أهدرت الحقوق والحريات الشخصية والمدنية والسياسية بالدستور !!
فماذا يبقي في دستور حزب الحاكم من دستورنا القتيل؟ وماذا يبقي للمصريين في وثيقة العقد الاجتماعي الأساسية؟ وكيف ستحصل يا أخي المصري علي حقوقك في مصر في ظل هذا المسخ المسمي زورا بالدستور كيف ستتحقق المواطنة إذا لم يضمن الدستور لك نصيبا عادلا في ثروة الوطن وصوتا نافذا في قرار الوطن؟
سيستمر حزب الحاكم في مواصلة جريمة اغتيال الدستور، وفي إتمام إجراءات الدفن، ومراسم الجنازة، وشهادة الوفاة. وسيعلن بعد الاستفتاء المزيف عن مولد دستور القتلة المشوه. لن يكون دستورنا لأننا لم نشارك فيه ولم نرتضه لأنه لا يحترمنا ولا يصون حقوقنا ولا يحمي مصالحنا ولا يحفظ كرامتنا. وإذا كان حزب الحاكم لديه أي قدر من الأمانة والاستقامة بعد أن أصر علي صياغة الدستور من طرفه منفردا، وبدون توافق وطني، ورغم أنف كل القوي السياسية في مصر فإن عليه أن يعدل ـ بالمرة ـ وثيقة إعلان الدستور ويحذف من صدرها عبارة: «نحن الشعب المصري..» ويكتب مكانها: «نحن الحزب الوطني...» لأن هذا الدستور ليس دستور الشعب بل دستوره وحده.. عدله وحده.. وفرضه وحده.. ويبوء بإثمه وحده أمام التاريخ والشعب والله.
أما نحن الشعب فسلاحنا المتاح الآن هو المقاطعة.. مقاطعة الاستفتاء الهزلي مقاطعة جريمة قتل الدستور.. وفضح القاتل.. وملاحقته حتي يتم القصاص منه بعدالة الشعب التي هي كعدالة الله تمهل ولا تهمل.